المجتمع المدني والتنمية المحلية المستدامة في الدول العربية
إن الحديث عن المجتمع المدني والتنمية المحلية المستدامة يقتضي أولا معرفة مكونات المجتمع المدني الذي نتحدث عنه، معرفة مفهوم التنمية المحلية المقصودة والأنشطة التي تساهم في بناءها وأخيرا الاطلاع على مختلف جوانب الاستدامة في العملية التنموية.
إن المجتمع المدني يتكون أساسا من جمعيات لها أهداف عديدة ومتعددة قد تكون اجتماعية، ثقافية، رياضية، بيئية أو غير ذلك ويمكن أن تكون هناك هيئات أخرى لها نفس الأهداف، لكن ما يهم هو أن المجتمع المدني المنظم يسعى لتحقيق تنمية حقيقية ويدافع عنها، وذلك عن طريق جمعيات ثمثله وتنظمه وتؤطره لكي يشكل قوة اقتراحية هادفة ووازنة لأصحاب القرار سواء على المستوى المحلي أو الجهوي أو الوطني بل حتى الدولي.
إلا أن هذه الجمعيات يجب أن تكون في وضعية قانونية ولها أهداف واضحة ومحددة كما يستحسن أن تتخصص في جوانب معينة لكي تكون فاعلة ميدانيا وتجتنب تشتت جهودها عبر عدة أنشطة مختلفة ومتنوعة. من هذا المنطلق فإن جميع الأنشطة التي يمكن أن تقوم بها الجمعيات في شتى المجالات هي في صميم خدمة التنمية المحلية لكن شريطة أن يكون لتلك الأنشطة وقع إيجابي وأثر ملموس سواء على الساكنة أو الفئة المستهدفة أو على الأرض بمعنى في المجال كالأنشطة المتعلقة بالبيئة ومحاربة التلوث أو التشجير مثلا.
إلا أن جانب الاستدامة هو أكثر أهمية، فكافة المشاريع والأنشطة التي تقوم بها الجمعيات أو تترافع من أجلها لدى أصحاب القرار لابد وأن تراعي جانب الاستدامة أي أن يكون الهدف دائما تحقيق مشاريع لإرضاء احتياجات الساكنة لكن دون إلحاق أضرار سواء بالموارد الطبيعية أو البيئة او غيرها وذلك ضمانا لاستدامة هذه الموارد والحفاظ عليها للأجيال المقبلة.
إن الهدف من هذه الفقرات هو تقديم أرضية للنقاش والحوار الجاد حول دور المجتمع المدني في التنمية المحلية المستدامة في الدول العربية، فالمرجو هو تبادل وجهات النظر والأفكار والتجارب والخبرات بين كافة الفاعلين المحليين والتنمويين بكافة الأقطار العربية لتعميم الفائدة.
عبد العالي ماكوري، أستاذ بالكلية متعددة التخصصات بورزازات